Sep 5, 2016

الفاتنة

 يجلس شارداً كما اعتاد كلما اراد ان يبحث عن اإلهام لأى كتابة جديدة
مر وقت طويل منذ آخر رواية كتبها
رواية إستغرقت من ذاته ونفسه الكثير و أستنفذت من خياله و مشاعره ما يكفى ليظل بعدها عاجزاً عن إيجاد الإلهام 
لا يجد اى فكره لاى شىء جديد
يمسك قلم ليرسم به بعض الخطوط بلا معنى 
يستمر لساعات يرتب الخطوط فوق بعضها ثم يمزق ورقته ويرحل
يتنقل بين الاماكن و يزور أماكن جديدة لعله يجد أى ملامح جديدة لأى كتابه جديدة فلا يجد
يقابل معجبيه ليسألوه عن جديده فلا يجد ما يقوله
يمارس طبعه الليلى بمقابلة أصدقاء الحلوة والمرة كما إعتاد ان يسميهم

ربما يلعبون الطاولة عند قهوة بالجمالية إعتادوا لعب الطاولة عندها منذ أكتر من عشر سنوات
أو يجلسون فى أحد مقاهى المنيل يتبادلون الحديث عن النساء و مغامرات كلٍ منهم 
يتحدثون عن فستان هذه و جسد هذه

يذهبون أول خميس من كل شهر إلى الكبارية
إنه الخميس الذى ينتظره كلٌ منهم كل شهر 
يشاهدون الأجساد وهى تتمايل وتتراقص ولا يعبئون بالموسيقى التى يسمعونها ولا تلك الحركات التى لا تختلف أبداً من هز الصدر بشكل إنفعالى مع تحريك الوسط يميناً و يساراً وبعض الميلات بالشعر المنسدل مع حركات الوسط
لا يهمهم الموسيقى ولا يهمهم الراقصات فقط يتشوقون للأجساد العارية
ربما فى هذه اللحظات لا يستطيعون التفرقة بين الراقصات فللخمر تأثيره
إنه الخميس الأول من كل شهر حيث كل شىءٍ متاح
الفلوس والخمر و النساء
وليس على هذا الخميس أى حرجٍ من أى نوع

يقول أحدهم أنه سمع عنها
كبارية الفاتنة حيث ترقص هناك فاتنة

فلنذهب هناك الخميس القادم
====================================
فى كبارية الفاتنة

كبارية أزرق غريب فما إعتادوا ان يروا هذا اللون ف الكباريهات فمعظمهم لونهم أحمر متداخل مع الأسود و حفنة هائلة من الإضاءة حيث لا تستطيع أن تميز بين الألوان إن كان هذا أحمر أو أخضر

إنه كبارية أزرق متداخل معه بعض الألوان الزاهية
جميع طاولاته ذات مفرش أبيض ناصع
ينتصفها زهرة ليليوم نافذة الرائحة 
على الجدران ورق حائط لأشعة شمس تلقى بضوئها على زهورٍ ملونه مع زرقة بحر
فى وسط الشمس مصابيح الإنارة للكبارية
مصابيح ذات إضائة بيضاء و صفراء فقط
لا يوجد أخضر أو أزرق أو أحمر

رائحة زهور الليليوم تملأ المكان و تعبقة
 إنها توضع يومياً من أجل الفاتنة

لم يستطع كلٍ منهم أن يغلق فمه من إنبهاره بروعة المكان 
حصلوا على طاولتهم باعجوبه
إن دخول هذا الكباريه بأسبقية الحجز وهذا ما لم يعلموه ولولا إعتذار أحد الحاجزين ما كانوا هناك

يجلسون وسط كل هؤلاء المحيطين بهم ينتظرونها
يطلبون خمراً كعادة خميسهم المعهود
يخبرهم النادل ان الخمر لا يُسمح به إلا بعد إنتهاء رقصة الفاتنة

كبارية غريب

=======================================

تخف الإضاءة وتشير إلى المسرح 
يبدأ الناى فى بُكاءه
وتظهر هى مع آهات الناى و دموعه
خمرية فى بدلة رقص خضراء مطرزةٍ بلآلىء لامعه
وعيون تتكلم بكل لغات الحياة
وانامل تتهافت لتمسك بأحزان الناى
لا تهز صدرها ولا تحرك وسطها يميناً و يساراً
إن جسدها يتحرك كله يتألم ويتكلم وينتفض ويبكى ويرقص ويضحك وينادى ويحكى  ويُداوى
تتجول على المسرح محركة آهات الناى لتُذيبها فى رائحة الليليوم
كأنها تُداوى جرح الناى
وتأخُذ أوجاع الجالسين لتضعها فى نافخ الناى
ليبكى الناى أكثر
وتتلوّى هى أكثر
ويعشقُها الجالسون
ويُحبها هو
ويجد فيها إلهامه

============================================
بعد رقصتها يتحول الكبارية
ليُصبح كبارية بمعناه المعروف تظهر الإضاءات الحمراء والخضراء
تختفى أضواء الشمس من على الجدران
موسيقى صاخبة وفتيات ليل
خمرٍ و ميسر 
خميسٌ معهود

ما هذا الذى رآه أهى الجنة إنها باب الكون
لا يشعر روحه التى طافت وراء زيلها فى وداعها للجالسين
ولا يصدق إنتفاضات صدره وراء دموع يديها عندما مرت أمامه
إنها بلا شك الجنة
يريد أن يكتب و يكتب و يكتب
يسحب قلمه من جيبه وعلى أوراق مناديل الطاولة يُنادى عليها بقلمه
يكتب عن فتى يُحب
يكتب عن زوجة تُحب
يكتب عن احلام وحياه يكتب و يكتب يدخل فى عالمه ويكتب 
ينسدل من كل شئ محيط به
من أصدقاءه وخمرهم ونساءهم وأضواءهم وموسيقاهم

يسحب كل مناديله ويترك كل ما بعده ويجرى حتى يُحافظ على إلهامه ويعود لحجرته وقلمه و أوراقه وينكب يكتب و يكتب حتى يغلبه نومه ويصحوا على إنعكاس أشعة شمس الصباح على اوراقه 

سيذهب اليوم إلى الفاتنة
لا يوجد طالولات
يحجز عشرة طالولات لعشرة أيامٍ متتالية 
يُريد أن يراها
أن يسمع صوت تأوهاته

=================================

يجلس فى الكبارية بشكله الغريب
يسأل النادل لماذا لا تُقدم الخمر إلا بعد رقصها

إنها تحب أن يتذوّق الناس طعم رقصها وإن شربوا خمراً لن يشعروا بها
ترى أن الجالسين سكارى بأوجاعهم فتريد أن تنزع منهم وجعهم وتُذيبه
إن شربوا خمراً قبل رقصها فهى لن تكن فاتنة ستصبح مثل غيرها جسداً يترنح

=================================
تخف الإضاءة
ويرق الرق بشخاليله
وتظهر هى
ببدلة رقص زهرية اللون بها بعض الأبيض
ساحبة جانبى شعرها اللأسود بعيداً عن وجهها
عيناها ترقص
إنها اليوم تضحك
كل رقصتها ضاحكة مهللة
تُبهج الجالسين و تسحب أوجاعهم
تُذيبُها فى الليليوم
تضعها فى طارق الرق
تُخرِجها شخاليله
فترقُص أرواح الجالسين
فتودعهم بضحكة
 ويعود الكبارية كبارية
ويبدأ هو يكتب ويكتب ويكتب
================================
تخف الإضاءة
رِقٌ وناى
وبدلة بيضاء تلف جسدها الخمرى
ودموع تسقُط من الرق يُداويها الناى
وقلوب تتلوّى وراء تلوى جسدها
وعيناها التى تُذهب عقول الجالسين
وقلبه الذى يتوقف بإنتهاء رقصتها
وسكوت الناى و هدوء شخاليل الرق
ويعود الكبارية كبارية
وهو يكتب ويكتب ويكتب
================================
تخف الإضاءة
ولا يبكى الناى ولا يُشخلل الرق
يُغنى عبد الوهاب 
يا مسافر وحدك
ويرُد جسدها 
 وفايتنى
 ليه تبعد عنى وتشغلنى
يرُد قلبه على عبد الوهاب و على جسدها
ودعنى منغير ما تسلم وكفاية قلبى أنا مسلم
فيبكى جسدها 
دى عنايا دموعها دموعها بتتكلم

ويعود الكبارية كبارية
وهو يكتب ويكتب ويكتب

لقد فُتن بها
===============================
قبل ان تخف الإضاءة
يحمل باقة من زهور الليليوم
يحاول الوصول لها

يُخبره نادل المكان ان ما من أحدٍ نجح فى الوصول 
هى تمنع الوصول لها
لها قوانينها الخاصة ولا يُسمح لأحدٍ بتعديها
وشروطها وقوانينها فوق الجميع
إنها لا تتكلم
فقدت حبيب كان سر سعادتها
فعجزت بعدها عن الكلام
تُخرج أوجاعها بالرقص
فرقصت
فأصبحت فاتنة
شاهد رقصها صاحب الكبارية فى مدرسة الرقص فبكى
وطالبها لو ترقص فاستجابت بشروطها
يجلس يومياً مع الجالسين فى انتظار رقصتها
يبكى كلما نزعت منه برقصها وجعه
كما يبكى الجالسون

كلما تلوّت هى
تلوّى معها الجالسون

لست أول من جاء ولا أول من يجىء
ولكنها الفاتنة الاولى
التى تفتن الجالسين

==========================

هو يأتى كل يوم
يستمتع ب أوجاعه ويكتب
وهى كل يوم تذيب أوجاع الجالسين برائحة الليليوم وتُسقيهم للموسيقى وترقص









No comments: